كشفت نتائج تدقيق منجز من قبل مكتب دراسات مستقل حول برنامج “أمو تضامن”، “راميد” سابقا، عن عدة اختلالات شابت تدبير هذا النظام، أبرزها استفادة فئات غير مستحقة وإقصاء بعض الفئات المؤهلة، بسبب ضعف الوعي أو تعقيد إجراءات التسجيل، مشيرا إلى صعوبة الانتقال بين أنظمة التأمين الصحي المختلفة، ما يعيق بعض المستفيدين.
وأثارت الدراسة المنشورة من قبل وزارة الاقتصاد والمالية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المخاوف بشأن توازن النظام المالي، إذ تجاوز عدد المستفيدين التوقعات، ما قد يؤدي إلى تخطي الميزانية المخصصة من قبل الدولة، وأشارت أيضا إلى مجموعة من النقط السلبية، متمثلة في عدم تسجيل بعض أرباب الأسر أفراد عائلاتهم المستحقين، قبل أن تورد مجموعة من التوصيات، همت تحسين آليات الاستهداف وتعزيز الرقمنة وتبسيط إجراءات الانتقال بين الأنظمة المختلفة، وكذا تعزيز الوعي العام وتوفير قنوات تسجيل متعددة لضمان شمولية أكبر.
وركز التدقيق الجديد على سنة 2023، واستهدف تحديد مزايا ومخاطر نظام “أمو تضامن”، وتقييم التأثيرات الاجتماعية السلبية المحتملة، واقتراح تدابير للتخفيف منها، مع جدول زمني لتنفيذها؛ كما ركز على فحص الأساليب والأدوات المستخدمة لتحديد المستفيدين من النظام، وتقييم تأثيره على الأفراد والمجموعات المستهدفة. فيما شمل تنفيذ هذه الدراسة التواصل المباشر مع المستفيدين لتشخيص الوضع عن قرب وجمع ملاحظاتهم حول إدارة هذا النظام ككل.
خلل في استهداف المستفيدين
انتقدت الدراسة إدراج بعض الأشخاص ضمن نظام “أمو تضامن” رغم عدم استحقاقهم له. وأوصى القائمون على التدقيق لغاية تصحيح هذه الوضعية بإعادة تقييم آلية الاستهداف لضمان إدراج الفئات الأكثر هشاشة وتعزيز آليات التحقق من التصريحات المقدمة من قبل الأسر ضمن السجل الاجتماعي الموحد (RSU). فيما تم رصد خلل آخر، تمثل في عدم إدراج بعض الأشخاص المؤهلين للاستفادة من نظام التأمين الصحي المذكور، وذلك بسبب نقص المعلومات أو تعقيد إجراءات التسجيل، ما حرم بعض المستحقين من الاستفادة.
وللتغلب على هذا التحدي أوصى التدقيق باعتماد السجل الاجتماعي الموحد في عمليات تحديد المستفيدين منذ 2023، وتعزيز رقمنة تدبير النظام، بالإضافة إلى تدابير أخرى مقترحة، همت إنشاء آلية تسجيل متعددة القنوات من قبل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، تشمل وكالات الصندوق والمكاتب المعتمدة والموقع الإلكتروني وتطبيق “تعويضاتي”؛ إضافة إلى تنفيذ ومتابعة آلية لإدارة الشكاوى. ومن المقرر تنفيذ هذه الإجراءات التي تندرج ضمن اختصاصات وزارة الداخلية و”الضمان الاجتماعي” خلال الفترة بين 2025 و2026.
وأشارت الدراسة إلى مشكلة عدم انتقال بعض الفئات بسهولة بين أنظمة التأمين الصحي المختلفة، إذ يواجه بعض المستفيدين صعوبة في الانتقال إلى نظام “أمو تضامن” بسبب تغطيتهم السابقة ضمن نظام آخر، والعكس صحيح، وأوصت في هذا الباب بتحسين نظام الربط بين هذا النظام وأنظمة التأمين الصحي الأخرى، مثل “أمو” للعمال غير الأجراء و”أمو للأجراء النشيطين” و”أمو الشامل”. كما تم اقتراح تبسيط الإجراءات وتعزيز آلية متابعة الشكايات.
خطر فقدان التوازن المالي
من بين الاختلالات التي تم رصدها من خلال التدقيق الجديد مشكل التوازن المالي للنظام، ببروز خطر تجاوز الميزانية المخصصة للمساهمات التي تتحملها الدولة في إطار “أمو تضامن”، إذ أشارت الدراسة إلى أن عدد المؤمنين الأساسيين في تزايد مستمر، مع هيمنة الأسر المكونة من فرد واحد؛ كما أن عدد الأسر المنتمية إلى الشرائح الثلاث الأولى من السكان وفقًا للسجل الاجتماعي الموحد فاق التوقعات التي وضعتها المندوبية السامية للتخطيط، قبل التوصية بتقييم نظام الاستهداف الحالي مقارنة بدراسة مندوبية التخطيط، ووضع آلية لمتابعة التوازنات المالية للنظام، وقياس أثره على الميزانية.
وسجلت الدراسة أيضا أن بعض أرباب الأسر مسجلون ويستفيدون من التغطية لكنهم لا يسجلون ذويهم المستحقين. وللتعامل مع هذا المشكل أوصى الخبراء بتعزيز التواصل الجماهيري والرقمي لتوعية المستفيدين بضرورة تسجيل جميع أفراد الأسرة (التسجيل مجاني)، بالإضافة إلى تعزيز جهود التوعية داخل وكالات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومراكز الصحة القريبة من المستفيدين. ومن المقرر تنفيذ هذه التدابير التي تدخل ضمن اختصاص الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية خلال السنة الجارية.
يشار إلى أنه في 2021 وسع المغرب نظام التأمين الإجباري الأساسي على المرض “أمو” ليشمل العمال غير الأجراء، قبل أن يتم نقل جميع المستفيدين السابقين من نظام “راميد” إلى نظام التأمين الصحي الإجباري الموجه للأشخاص غير القادرين على دفع مساهماتهم “أمو تضامن” في دجنبر 2022، فيما تكفلت الدولة بتغطية تكاليف الاشتراك عن هذه الفئة.