
في سنة عيشه الثامنة والأربعين رحل عن دنيا الناس الباحث والداعية للإسلام حماد القباج، الذي عرف بكونه من الوجوه البارزة لـ”دور القرآن” التابعة للفقيه المغربي السلفي محمد المغراوي، قبل شقة باعدت بينهما، قرّبته أكثر من أطراف إسلامية بعيدة عن هذا التيار؛ من بينها حزب العدالة والتنمية.
وحصل القباج على إجازة علمية من عالم الحديث المغربي محمد الأمين بوخبزة، والفقيه المختار بن العربي مومن الجزائري، وقد درّس بـ”دور القرآن الكريم” بين سنوات 1998 و2009، وعمل بـ”جريدة السبيل” ذات التوجه السلفي منذ تأسيسها سنة 2005، وكان ناظرا لـ”الخزانة العامرية” بمراكش، ومنسقا عاما لـ”التنسيقية المغربية لجمعيات دور القرآن”.
القباج سبق أن عيّن سنة 2013 من لدن الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني عضوا في لجنة الحوار الوطني حول المجتمع المدني والأدوار الدستورية الجديدة.
وبسبب قصيدة للداعية السلفي عادل رفوش توجّه فيها إلى “خادم الحرمين الشريفين” بالمملكة العربية السعودية حول قتل محتجّين بمصر مطالبين باحترام المنهجية الديمقراطية سنة 2013، تبرّأ المغراوي من مضمونها قائلا إن “بلاد الحرمين الشريفين وحاضنة الإسلام والمسلمين (…) ولا نقول عنها إلا خيرا”، فاستقال حماد القباج من “جمعية الدعوة والقرآن” التي يترأسها المغراوي قائلا في بيان له: “لستُ عضوا في جماعة الإخوان، وأنا مخالف ومنكر لمخالفاتهم الشرعية”؛ لكن أثبت تضامنه “فيما لحقهم ويلحقهم من ظلم واضطهاد وعدوان”.
القباج، الذي رشّحه “حزب المصباح” في إحدى دوائر مراكش، رافقه جدل إثر ذلك سنة 2016، بسبب دروس مسجّلة وطريقة حديثه عن اليهود فيها؛ وهو ما علّق عليه بقول: “ما أؤمن به أن التعايش مع اليهود والنصارى مطلب شرعي ووطني، ولي في ذلك مقالات ودروس عديدة، وفي الوقت نفسه أرفض رفضا باتا ما يمارسه اليهود الصهاينة على الفلسطينيين من ظلم، يصل كثيرا إلى حد ارتكاب المجازر الإرهابية الفظيعة؛ من مجزرة صبرا وشاتيلا إلى مجزرة غزة”.
وقد كان حماد القباج دائم الحضور في “المؤتمر الوطني للغة العربية”، وتغيّب للمرة الأولى عنه في سنة 2025 الجارية بسبب مرضه وفق ما ذكره رئيس “الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية”، علما أن من بين مؤلفات الراحل ”كفاح وطني من أجل لغة التعليم” بعنوان فرعي هو “تاريخ المعركة بين التّعريب والفرنسَة في المغرب من 1920 إلى 2019”. ووثّق فيه مسارَ الدّفاع عن مكانة اللغة العربية في المغرب بعد الاستعمار، موردا مجموعة من الوثائق والتقارير والمقالات التي تُعلي من شأن اللغة العربية في المغرب، وتنبّه إلى حالها في بلدها.
ومن بين كتب الداعية المسلم السلفي الراحل “رسالة إلى المرأة المسلمة” و”عبقرية البخاري” و”الشيخ ياسين والخلافة المزعومة” و”السلفية في المغرب ودورها في محاربة الإرهاب” و”الأدلة القطعية على تحريم التفجيرات التخريبية التي تمارس باسم الجهاد وإنكار المخالفات الشرعية” و”نظام الحكم في الإسلام والمسألة الدستورية في المغرب” و”حياة شيخ الإسلام محمد بن العربي العلوي.. العالم المفكر والمصلح المناضل”.