
_ لا أتابع الدراما الرمضانية.. وأتفرغ للقراءة والكتابة فى الشهر الكريم
_ لا أنزعج بتصنيفى كنسوية.. وهناك نظرة دونية للكاتبات
_ سأظل مخلصة للرواية ولكن السينما تُخلد أسماء الكُتاب
_ "بيت الجاز" أحداثها واقعية وسعيدة بردود الأفعال حولها
_ لا يوجد مواد للكتابة الإبداعية موثقة من وزارة الثقافة
الكاتبة نورا ناجى واحدة من أهم الكاتبات المصريات، تميزت أعمالها بالتركيز على قضايا المرأة والهموم الإنسانية، وصنفت ككاتبة نسوية، فهى تسلط الضوء على التحديات التى تواجه النساء فى المجتمع، ورغم إخلاصها للرواية وانها تراها الوسيط الحقيقى، إلا أن روايتها «بنات الباشا» تحولت إلى فيلم سينمائى، تنتظره دور العرض.
بنت مدينة طنطا، لم تكتف بكتابة الرواية، لكنها تميزت أيضا كصحفية، وأثرت المشهد الأدبى بمقالاتها النقدية، لاقت أحدث رواياتها «بيت الجاز»، إشادة كبيرة فى الوسط الأدبى، بعد أن طرحتها فى معرض الكتاب 2025، تصفحنا نحن «البوابة نيوز» صفحات رواياتها، والتقينا الكاتبة نورا ناجى وكان هذا الحوار.

■ ما طقوس الكاتبة نورا ناجى فى شهر رمضان المبارك؟
- طقوسى فى رمضان هى نفسها خارج رمضان، لكن تقسيمة اليوم نهارًا وليلًا هى التى تختلف، يكون هناك وقت قبل الإفطار للعمل، وبعد الإفطار للقراءة والكتابة، عندما تسمح لى الفرصة، ففى رمضان يكون ضغط العمل أخف قليلاً، وأكون متفرغة أكثر للقراءة والكتابة، هذه هى كل نشاطاتى فى رمضان، أنا لا أتابع مسلسلات ودراما، ولكن بعد رمضان أتابعها، لذلك لدى وقت كثير.
القراءة فى رمضان مثل خارج رمضان، لا أخصص نوعًا معينًا من القراءات، بل أخصص كل شهر مجموعة من الكتب سأقرأها، وأنوع فى القراءة ما بين الأعمال الروائية وغير الروائية.
■ ماذا تقرأ الكاتبة نورا ناجى؟
- ليس لدى كاتب محدد أفضل قراءة أعماله، لكن فى كل فترة من فترات حياتى كان هناك كاتب معين أثر فى حياتى. مثلاً، فى فترة من حياتى كنت أحب أن أقرأ لـ الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، وفى فترة أحببت القراءة لـ نجيب محفوظ، وفى فترة قرأت لرضوى عاشور، ونوال السعداوى، وفترة أحب القراءة للكاتبة الكورية هان كانج.
لكن سيظل نجيب محفوظ الأقرب إلى قلبى، وأفضل أن أعاود قراءة رواياته، قد أقرأ الحرافيش كل عام مثلاً، ورواية حديث الصباح والمساء، ورواية الشحات، والتى أعتبرها المفضلة إلى قلبى، وكنت أتمنى أن أكون أنا التى كتبتها. رواية جميله وتضمن كل المعايير اللازمة لكتابة رواية عظيمة.
■ بيت الجاز هى أحدث إصداراتك.. هل قصة الرواية حقيقة بالفعل؟
- بيت الجاز فكرتها حقيقة من حادثة حقيقة فى طنطا عام ٢٠١٦، أن هناك طفلًا أُلقى من شباك مستشفى الجامعة فى طنطا بحبله السرى وهو لا يزال مولودًا. الحادثة أثرت فيّ كثيرًا لدرجة أننى وحتى الآن لم يعرف أحد من الذى فعل ذلك، ولا من هى هذه السيدة، ولا سنها، ولا أى معلومة عنها.
كنت أفكر كثيرًا فى هذا الطفل، كنت مشغولة بهذه الأم، كيف استطاعت أن تمر بتجربة مثل هذه، ولأننى تعلمت ألا أحكم على أحد، كنت أبحث عن هذه السيدة، هذه الأم التى قامت بفعل شنيع كهذا، لابد أن حياتها كانت أبشع بكثير مما عاشته تلك السيدة، وما هو الدافع وراء ما فعلت.
فى ذلك الوقت كتبت مقالًا عنها وقمت بزيارة الطفل فى ملجأ للأطفال فى قرية قريبة من طنطا، كنت متأثرة جدًا حتى جاءت الفرصة أن أكتبها عندما تزامنت مع أشياء أخرى مثل الخيط الهش بين الحقيقة والزيف، ومعاناة النساء فى العالم، وكأنهن محاصرات بضغوط شديدة تجعلهن على وشك السقوط الدائم.

الشخصيات الأساسية للنساء فى الرواية
كاتبة تحول حياتها إلى نصوص، وطبيبة تعيش حياتها فى الأفلام التى تحبها، وهذا التناقض بين مهنتها وما تحب، وبنت صغيرة حياتها قاسية، تعيش فى بيت الجاز، تخوض تجربة مؤسفة وتعلن عن تمردها بطريقة تؤثر فى الشخصيتين الأخريين.
■ هل تنزعجين من تصنيفك ككاتبة نسوية؟
- فكرة تصنيف الكتابة لا تزعجنى ولكن لا أرى أنه يجب على الشخص الكتابة عن الإنسان بشكل عام عن معاناة الإنسان، وأنا امرأة، أريد التعبير عن المشاكل التى أواجهها شخصياً. تخضع المرأة لضغط كبير وقهر أكبر، أكثر من الرجل. نرى الحوادث التى تحدث كل يوم إلى درجة أن الواقع أسوأ بكثير من الخيال.
أنا لا أفضل التصنيفات وفى نفس الوقت تستفزنى ولكن لا أنزعج منها. هناك اتجاه ما يتعامل مع الموضوع النسوى على انه وصمة عار، وأرفض هذا الاتجاه.
أنا أنتمى للحركة النسوية وأقدرها، فهى أعمق بكثير مما يبدو. هناك مثقفات كثيرات تطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة بمعنى أن المرأة تنتزع من الرجل حقوقه، وهذا لا يعقل لأن النسوية تعنى أن المرأة والرجل متساويان فى الحقوق والواجبات بشكل عام.
■ "بنات الباشا" روايتك التى تحولت إلى عمل سينمائى.. ارو لنا كواليس ذلك؟
- بنات الباشا تم تصويرها وتحولت بالفعل إلى فيلم سينمائى من إخراج ماندو العدل وكاتب السيناريو محمد هشام عبية، ومن بطولة أحمد مجدى، صابرين، زينة، مريم الخشت، ناهد السباعى، سوسن بدر، تارا عبود، كذلك الوجه الجديد رحمة أحمد، تم تصوير بعض مشاهده فى طنطا، وحضرت بعض أيام التصوير وكانوا يصورون وكنت سعيدة جداً بالتجربة. أنا لست من المهتمين المتلهفين بتحويل الرواية إلى عمل سينمائى.
أنا مخلصة للرواية وأعتبرها أهم وسيلة، ولكن الحقيقة أن الوسيط البصرى هو الأكثر انتشاراً، أنا رأيت فى التصوير العمل يتحول إلى حقيقة. استمتعت أكثر بالفكرة ومتحمسة لرؤيتها، وأى كاتب مكانى سيكون سعيداً وستصل إلى قطاع كبير من الناس الذين لا يستطيعون القراءة، السينما تُخلد أسماء الكتاب بشكل لا يمكن إنكاره، وأنا ممتنة للحظ الذى جعل السيناريست الكبير محمد هشام عبية ومخرج مثل ماندو العدل يهتمان بروايتى ويتحمسان لها، كل الشكر لجهدهما الكبير.

■ من وجهة نظرك.. ما أبرز أزمات الكتابة فى مصر؟
- لا توجد أكاديميات لتعليم الكتابة فى مصر رسمياً، ولا يوجد برنامج للكتابة كما هو موجود فى الغرب، لا توجد أى مواد للكتابة الإبداعية موثقة من وزارة الثقافة، الكتابة علم يجب ان يُدرس، لكن لا أحد يتعلم الكتابه فهى موهبة من عند الله، لكن هناك تعليما لأساسيات الكتابة كعلم.
أتمنى أن تكون هناك مادة لتعليم الكتابة فى المدارس بشكل منظم، وأن تكون هناك مادة فى المدارس باسم النقد والتذوق الفنى، هذه من الأشياء التى ترفع من الذوق العام، وأن يدرسوا فيها روايات مثل روايات نجيب محفوظ ويكتبوا عنها مقالات نقدية تجعل الشباب القادمين يعرفون كيف يميزون بين الجيد والسيئ.
وللأسف، من ضمن الأزمات الكبرى والمشاكل فى مصر، قطاع كبير من الكتاب لا يقرأ، وهذا يثير دهشتى، وهى أزمة كبيرة ما زالت موجودة.
أيضًا لا توجد جهة تدعم الكُتاب بشكل كبير من حيث تعلم الكتابة الإبداعية، وتساندهم مادياً حتى تصل ثقافة وحضارة البلد إلى الآخرين، مما يجعل الآخرين ينظرون إلى هذا الشخص على أنه إنسان، وأعتقد أن هذا يزيل الفوارق.
الغرب ينظرون إلى الشرق نظرة دونية كما لو كانوا كائنات مختلفة عن البشر، وكأنهم ليسوا بشراً.
■ ما النصائح التى توجهينها للكتاب المقبلين على المجال؟
نصيحتى للشباب، سواء رجال أو نساء، القراءة بشكل مستمر. فالقراءة والإخلاص يجب أن يكونا واضحين لهم ما الذى سيعطونه وما الذى سيأخذونه من الكتابة، بسبب مغريات الكتابة، كالسعى وراء الجوائز مثلا منها الشهرة أو لتحقيق المحبة مثلا.
الكتابة لا تمنح كل ذلك، أو فى نطاق محدود جداً قد لا يحدث كثيرًا لجميع الكتاب. وإذا كنت مخلصاً حقاً، ستأتيك الكتابة الحقيقية. كل ما عليك هو الإخلاص فى كل ما تفعله.
ستكتشف الكثير والكثير من قلبك وروحك الأصلية، وهذا ليس بالأمر السهل، يجب أن تكون متأكداً من هذه الخطوة. أن تمتلك موقفاً من الحياة، انحيازاً للمظلومين والضعفاء، وللإنسان والحياة، موقفاً من العنف وقسوة الحياة، لابد وأن يكون لك موقف حقيقى.
يجب أن تعرى جزءاً كبيراً من روحك فى الكتابة، وهذه مهمة صعبة، ليست سهلة، وأن تستمر فى التعلم.






