يشهد التعليم الجامعي عبر الإنترنت اهتمامًا متزايدًا، ما دفع العديد من الجامعات إلى السعي لنيل الاعتراف الدولي، لا سيما من وزارة التعليم الأمريكية، ويعد اعتماد WASC من أبرز الهيئات التي تمنح الاعتراف الأكاديمي للمؤسسات التعليمية داخل الولايات المتحدة وخارجها، ويشكل هذا الاعتماد معيارًا رئيسيًا للجودة التعليمية الأكاديمية والادارية، مما يجعله هدفًا تسعى إليه العديد من الجامعات لتعزيز مكانتها الدولية.
للحصول على اعتماد WASC، يجب على المؤسسات التعليمية استيفاء مجموعة من المعايير الصارمة والتطورة التي تضمن الجودة الأكاديمية والالتزام بالضوابط والمعايير الإدارية، بمجرد تحقيق هذه الشروط، تحصل الجامعة على شهادة الاعتماد التي تعكس التزامها بالتميز في التدريس والتعليم وتحقيق نتائج أكاديمية متميزة، ويمثل هذا الاعتماد ضمانًا هامًا للطلاب وأولياء أمورهم وأصحاب العمل والشركات، حيث يؤكد أن المؤسسة تتمتع بالمصداقية والاعتراف الدولي.
في السنوات الأخيرة، حصلت العديد من الجامعات المرموقة على هذا الاعتماد، مثل جامعة Berkley، وجامعة Stanford، وجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس. ومؤخرًا، نالت جامعة الشعب الأمريكية (University of the People) اعتماد WASC، في خطوة تعكس تزايد الاهتمام بالتعليم الجامعي عبر الإنترنت، الذي شهد توسعًا ملحوظًا عقب جائحة كورونا، ليصبح ركيزة أساسية في منظومة التعليم العالي الحديثة.
أهمية اعتماد WASC وتأثيره على الجامعات والطلاب
يوفر اعتماد WASC ميزة تنافسية للمؤسسات التعليمية، حيث يمنحها اعترافًا دوليًا يعزز من مكانتها الأكاديمية حول العالم ويزيد من فرص خريجيها في متابعة تعليمهم الجامعي أو الاندماج في سوق العمل العالمي، كما يفرض هذا الاعتماد التزامًا بالتحسين المستمر لجودة التعليم، حيث تخضع الجامعات المعتمدة لتقييمات دورية لضمان استدامة التميز الأكاديمي.
وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة ليزا أندرسون، الرئيسة الفخرية للجامعة الأمريكية بالقاهرة، على أهمية هذا الاعتماد الدولي، قائلة: “يمثل WASC شهادة على جودة البرامج الأكاديمية ونزاهتها وتطورها، كما يعزز من مصداقية المؤسسة التعليمية، ويدعم قدرة خريجيها على التنافس في سوق العمل”.
مراحل الحصول على الاعتماد وتحديات التعليم الإلكتروني.
تمر عملية اعتماد WASC بمراحل دقيقة تشمل التقييم الذاتي، ومراجعة الأقران، وإجراء زيارات ميدانية، ووضع خطط تطوير مستمرة، وبعد منح الاعتماد، تخضع المؤسسات لتقييمات دورية كل خمس إلى عشر سنوات لضمان التزامها المستمر بالمعايير الأكاديمية المطلوبة، ويساهم هذا الإجراء المهني في تعزيز موثوقية الشهادات العلمية الصادرة عن الجامعات، مما يسهل على الطلاب الانتقال بين المؤسسات التعليمية أو متابعة دراساتهم العليا.
رغم هذه المزايا، لا يزال التعليم الإلكتروني يواجه تحديات، أبرزها عدم اعتراف بعض الشركات، خاصة في العالم العربي، بمصداقية هذا النمط التعليمي. وهنا تبرز أهمية اعتماد WASC، حيث يمنح شهادات الجامعات المعتمدة مزيدًا من الموثوقية، مما يسهم في تحسين فرص توظيف خريجيها، ويعزز من توافق برامجها مع متطلبات سوق العمل العالمية.
وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة ماري سيني، العميدة في جامعة University of the people، إن “العمل لسنوات من أجل ترسيخ التعليم عبر الإنترنت في العالم العربي قد أثمر أخيرًا. إن هذا الاعتراف يعزز ثقتنا بأننا نسير في الاتجاه الصحيح، من خلال توظيف التكنولوجيا الحديثة مع الحفاظ على جودة التعليم وفق المعايير الأمريكية والدولية. ويعد هذا الاعتماد تقديرًا لجهود أعضاء هيئة التدريس والموظفين الذين يكرسون أنفسهم لتقديم تجربة تعليمية متميزة”. ويجدر بالذكر أن جامعة الشعب تضم حوالي 120 ألف طالب، ما يجعل حصولها على هذا الاعتماد خطوة محورية في تعزيز ثقة الطلاب بمؤسستهم التعليمية.
آفاق مستقبلية للتعليم عبر الإنترنت واعتمادات إضافية
إلى جانب WASC، تسعى الجامعات أيضًا إلى الحصول على اعتمادات أخرى، مثل اعتماد لجنة اعتماد التعليم عن بعد (DEAC)، وهي هيئة وطنية أمريكية متخصصة في تقييم المؤسسات التي تقدم التعليم الإلكتروني. ورغم أن هذا الاعتماد أقل شهرة من WASC، فإنه يمثل خطوة إضافية في مسيرة تطوير التعليم عن بعد، الذي أصبح يشكل مستقبل التعليم العالي.
ومع التطور المستمر في أدوات وأساليب التعليم الرقمي، بات من الضروري مراقبة الجودة الأكاديمية وضمان الامتثال للمعايير العالمية، لضمان مستقبل أكثر استدامة وموثوقية لهذا النمط التعليمي المتنامي، ومن هنا تبرز أهمية التواصل بين المؤسسات التعليمية والوزارات الحكومية والقطاع الخاص لخلق جسور من التعاون لخلق جيل جديد يتمتع بميزة الادوات التعليمية المتطورة لخوض سوق العمل بطريقة تتناسب واحتاجات العصر.