الاثنين 10 مارس 2025 | 04:04 مساءً

الدكتور أيمن البراسنة
قال الدكتور أيمن البراسنة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة الأردنية، في حديث خاص لصحيفة بلدنا اليوم، إن التحقيقات التي أجراها جيش الاحتلال الإسرائيلي بشأن عملية "طوفان الأقصى" كشفت عن أحد أكبر الإخفاقات الاستخباراتية منذ حرب أكتوبر 1973.
وأشار إلى أن وحدة الأبحاث 8200، التي يُفترض أنها مسؤولة عن إصدار التحذيرات الأمنية، فشلت في توقع الهجوم، بسبب الثقة المفرطة في القدرات الاستخباراتية والعسكرية الإسرائيلية.
وأكد أن هذه الثقة المبالغ فيها أدت إلى استبعاد احتمال وقوع هجوم مباغت من قبل حركة حماس، مما ساهم في التقليل من أهمية التهديدات الحقيقية التي كانت تتشكل على الأرض.
وأوضح البراسنة أن نتائج التحقيقات أفادت بتركيز الحكومة الإسرائيلية على إيران، بينما تم تجاهل التطورات في قطاع غزة، وهو ما أدى إلى عدم تقدير نوايا حماس بشكل صحيح.
وشدد على أن التحقيقات أظهرت وجود فجوة بين التصورات الاستخباراتية الإسرائيلية والواقع الفعلي، حيث أثبتت الأحداث أن حماس كانت تستعد لحرب شاملة، في حين أن التقديرات الإسرائيلية كانت تفترض أنها ملتزمة بتهدئة الأوضاع.
الثورة الاستخباراتية الإسرائيلية: مراجعات وتغييرات جوهرية
وأشار البراسنة إلى أن هذه الإخفاقات دفعت القيادة العسكرية الإسرائيلية إلى تبني سلسلة من الإصلاحات الجذرية في شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، بهدف تجنب تكرار الأخطاء السابقة.
وأكد أن هذه التغييرات تشمل تعزيز أساليب جمع المعلومات، والاعتماد بشكل أكبر على التحليل النقدي للبيانات، بدلاً من الاعتماد الأعمى على التقديرات الاستخباراتية التقليدية.
ولفت إلى أن إحدى التعديلات الجوهرية تتمثل في تعزيز تعليم اللغة العربية والدين الإسلامي لضباط الاستخبارات والباحثين في الوحدة 8200، بعد أن تبين أن هناك قصورًا في فهم الثقافة الفلسطينية والإسلامية.
وأشار إلى أن هذا النقص في المعرفة ساهم في سوء تقدير نوايا حماس، حيث لم يتم إدراك أن "تحرير فلسطين" لا يزال هدفًا استراتيجيًا للحركة، خلافًا لما كان يُعتقد داخل الدوائر الاستخباراتية الإسرائيلية.
ثقافة العملاء: نحو تعدد مصادر المعلومات
وأكد البراسنة أن هناك تحولًا واضحًا في استراتيجية العمل الاستخباري الإسرائيلي، حيث باتت التحقيقات توصي بالاعتماد على تجنيد المزيد من العملاء في قطاع غزة، باعتبارهم مصدرًا أكثر دقة للمعلومات مقارنةً بالتنصت على الاتصالات فقط.
وشدد على أن القصور الاستخباري في السنوات الماضية كان ناجمًا عن ضعف الاعتماد على المصادر البشرية، وهو ما دفع إسرائيل الآن إلى تعزيز شبكات التجسس داخل القطاع.
وأشار إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية ستعتمد أيضًا على تحليل البيانات المتاحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك المنشورات والتفاعلات التي ينشرها الفلسطينيون، لفهم التوجهات الشعبية بشكل أعمق.
كما لفت إلى نتائج التحقيقات التي أكدت أهمية تحسين التنسيق بين المستويات المختلفة، بحيث يتم التعامل مع التقارير الميدانية بجدية أكبر من قبل القيادة العليا.
واختتم البراسنة بالتأكيد على أن هذه الإجراءات تهدف إلى تعزيز قدرات وحدة الأبحاث، التي تلعب دورًا محوريًا في تحليل المعلومات الواردة من مختلف المصادر.
وأكد أن إسرائيل تسعى إلى تطوير آليات عمل استخباراتي أكثر دقة، بحيث لا تكرر الأخطاء التي أدت إلى الفشل في توقع هجوم "طوفان الأقصى".
اقرأ ايضا