البطــــــــــــــــالة والركـــود.. عندمـــــا تنثني أغصـــان الرأسمالــــية

البطــــــــــــــــالة والركـــود.. عندمـــــا تنثني أغصـــان الرأسمالــــية
البطــــــــــــــــالة والركـــود.. عندمـــــا تنثني أغصـــان الرأسمالــــية

كانت ولاتزال علاقتهمـــــــــــا هي الأكثـــــــر ودادًا عبر التاريخ الاقتصادي الحديث، حيث كانا في لِحـــــــــاق طويل خلاف بعضهما البعض، علاقة لطالمــا سعت العلوم على تفسيرهــا والحد من هذا الوداد المترابط والقصـــة الأكثر شهرة على مستوى العالم والتاريخ، الحديث هنا عن علاقة البطالة مع الركود الاقتصادي، كانا ولقرون وقبل حتى أن يُـــقاس كل منهما بالقوانين والنظريــــات الحديثة في توافق تام لا يمكن بأن لا يُـــلاحظ. في الركود الاقتصادي الأخير بسبب الجائـــحة وصلت معدلات البطالة الأمريكية – على سبيل المثـــال – الى 14% بينما كان الاقتصاد في ركود تام، كان مشهد مطاردة خلّاب يؤكد على ترابط الاقتصاد الجديد بسلاسل من فولاذ لا يمكن بأن تهتز حلقة منها دون أن تهتز الحلقة الأخرى، هذا المشهد تكرر عبر الزمان، في ركود 2008م العالمي، في ركود ما بعد فقــاعة الانترنت 2000م، ركود حروب الخليج 1990م والركود القديم الذي جاء بعد فك ارتباط الذهب مع الدولار الأمريكي 1971م.

العلاقـــة بين الثنــــائي علاقة معقدة في تفسيرهـــــــا، فالبطالــــة هي أن يتم تسريح العمال بسبب الركود الاقتصادي وهو المفهوم الأكثــــــــــر أنتشارًا بين الجميع، وبذلك يكون الركود هو سبب في البطالة، ولكن من الجانب الأخـــــــــــر للعديد من رواد الاقتصاد، أنه بالإمكان رؤيـــــة أن البطالة هي سبب في الركود وليس العكس كما هو في الحالة الأولى، من الواضح أن علاقتهما ببعضهما البعض تحمل العديد من الأسرار والأحاجي المعقدة. من الممكن تفسير ذلك بأن الركود الاقتصادي في قطاع معين يرفع من معدل البطالة في هذا القطاع، وبذلك يقل معدل الانفاق لدى العاملين في القطاع وينخفض الاستهلاك لديهم، ليعود هذا بالتأثير على قطاع أخر ليتأثر بالركود أيضًا. لنأخذ مثال لتوضيح السلسلة الغير نهائية، لو كان الطلب على قطاع البتروكيماويات منخفض، تبدأ الشركات في القطاع هذا بتسريح العمال وتقليل الرواتب والحوافز، بذلك تنعدم/ تقل القوة الشرائية لدى العاملين في القطاع، وبالتالي ينخفض الاستهلاك ويؤثر هذا بشكل سلبي على قطاع التقنيــــــة – على سبيل المثال – وقطاعات أخرى. لذلك ستعم الفوضــــــــــى في الاقتصاد بشكل كامل بسبب كسر حلقة من حلقـــــــــــات السلسلة المعقدة.

من الجيد أن نفهم البطالة لفهم هذا الترابط، البطالة هي نقص في عدد العاملين في الاقتصاد والذي لديهم القدرة الكاملة على العمل وفي نطاق العمر المتوافق عليه للعمل – 15 عام حتى 65 عام – وهي تعتمد وبقوة على الدورة الاقتصادية ومدى أعمال القطاعات وتتماشى بشكل عكسي مع معدلات التضخم، فانخفاض معدل البطالة يدفع أصحاب الاعمال الى دفع أجور عالية لجذب العمال، هذه الزيادة سوف تنعكس بزيادة في الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي الزيادة في معدلات التضخم، يمكن العمل على محاكاة العلاقة بشكل عكسي لفهم ذلك. جاء منحنى فيليبس بذلك المقترح، ولكن يجادل أصحاب النظرية النقدية على هذا بقولهم إنه وعلى المدى الطويل سوف يعود الاقتصاد الى المستوى الطبيعي للبطالة مع التعديل لمستويات التضخم.

يمكن تقسيم البطالة الى أربعة أنواع، ويمكن خلال ذلك فهم كيف هو حالة الاقتصاد الكلي من نوع البطالة، النوع الأول هو البطالة القادمــة بسبب النقص في الطلب، حيث مع انخفاض الطلب على كل من السلع والخدمات المقدمة سوف تعاني الشركات والمؤسسات من الالتزام بدفع الأجور، وبالتالي البدء بتسريح العمال. النوع الثاني هي البطالة الاحتكاكية وهي البطالة التي تكون بين مرحلتين من التوظيف – العامل عاطل عن العمل، ولكن من المتوقع ان يعمل في أقرب وقت ممكن – وهي بطالة ليس لها خطر على الاقتصاد ولا تؤثر عليه، البطالة الهيكلية وهي التي تحدث من خلال التطور التكنولوجي والعلمي في كل المجالات، فسائق عربة الحصان ليس له المؤهلات الكافية للعمل في بنك تجاري على سبيل المثال، فهو عاطل عن العمل بسبب تغير في متطلبات التوظيف مع مرور الزمن. البطالة الطوعية أو الاختيارية وهي أن يكون العامل عاطل عن العمل بشكل طوعي بسبب عدم توافق مؤهلاته مع العمل أو بسبب أتمته بعض الأنظمة والتخلي عن العنصر البشري فيها.

من الجيد التطرق لأسباب البطالة بشكل عام لفهم كيف لها أن تتحكم بالاقتصاد والمعطيات المالية والتحليلية، من أهم أسبابها التقلبات الاقتصادية، التقدم العلمي والتكنولوجي، العولمة وانتقال الأعمال الى البلدان ذات الوفرة العالية في الأيدي العاملة، التمييز على حسب الجنس والعرق وغير ذلك من الأسباب.

أنتقد الكثير من العلماء وخبراء الاقتصاد شكل البطالة الحالية وكيف علاقتها مع الاقتصاد الرأسمالي الحديث، حيث أن البطالة سواء كانت مرتفعة أو منخفضة ماهي الا وسيلة لتعزيز ثراء الطبقة الرأسمالية والتي تمتلك رؤوس الأموال والشركات العملاقة، وقال العديد منهم أن الجميع يسعى بأن يكون هناك نسبة بطالة 5% على الدوام، حيث هذا يخفض من القوة التفاوضية للعمال في أعمال مالكي رؤوس الأموال، وبالتالي انخفاض تكلفة التوظيف, لتبقى بذلك مُعضلة الرأسمالية الأكبر ” تركز الثروة في طبقة المُلاك ” تتوسع الى لا نهاية، حيث من المتوقع أن لا حل هناك سوى الانتــــــــــــظار لشكل جديد من الاقتصاد، لتنظم البطالة الى العوامل التي تنقد الرأسمالية لـــ ” تنثني أغصــانها ” الشديدة وتزيد الحمل على كاهلها الهش.

اقتباس اقتصادي: ” البطالة هي وسيلة الرأسمالية لإجبارك على زراعة حديقة.” – أورسون سكوت كارد

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق «ماركت ستاندرد» توجه خبراتها الطويلة في بريطانيا للعمل بالسوق العقاري المصري بمستهدفات 30 مليار جنيه
التالى المحكمة تحسم مصير زوج إعلامية شهيرة نصب على أفشة في 13 مليون جنيه| تفاصيل