تعد قضية المرأة من القضايا التي اهتم بها الإسلام وأَوْلَاها موفور العناية؛ وذلك بناءً على نظرته لها، وإقراره بدورها، واعترافه بفضلها؛ الأمر الَّذي يصح القول معه بأن الإسلام قد عُنِيَ بالمرأة عنايةً فائقةً لم تحظ بمثلها في شرعٍ سماوي سابق، أو اجتماع إنسانـي تواضع عليه النَّاس.
اليوم العالمي للمرأة
وقد اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن تتكون الحياة من زوجين؛ مصداقًا لقوله تعالى: "وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" [الذاريات: ٤٩]. وهذا مفاده أن المرأة شريك رئيس في قوام الحياة ودوامها واستمرارها؛ فهي المستقر، ونظام الحياة لا يقوم إلا بوجود الصنفين معًا: الذكر والأنثى.
ويتأكد ذلك بالنَّظر إلى ما جاء في مصدري الإسلام: القرآن، والسُّنَّة؛ فَقَدْ وُجِّهَا للرجال والنِّساء سواءً بسواء، بدءًا من الدعوة إلى الإيمان وتقرير الكرامة الإنسانية، وصولًا إلى ما يخص الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة، اللَّذَيْن هما في حكم الله واحد، وهذا هو الأصل، قال الإمام ابن القيم: «قد استغرق في عرف الشَّرع أن الأحكام المذكورة بصيغة المُذَكَّر إذا أُطْلِقَتْ ولم تقترن بالمؤنث فإنها تتناول الرجالَ والنِّساءَ».
وقد حرَّر الإسلام المرأة من مظالم الجاهليَّات القديمة والحديثة، وانتشلها من ظلم الشَّرائع المُحَّرفة، والعادات الجائرة، والأعراف الظَّالمة، والمذاهب الفاسدة؛ فقد كانت الجاهليَّات تتشاءم من ميلاد الأنثى، ويضيقون بها، وجعلوها إما سببًا للفقر أو العار؛ حتى قال أحد الأدباء وقد بُشِّرَ أن زوجته وَلَدَتْ أنثى: «مَا هِيَ بِنِعْمَ الْوَلَدِ؛ نصرها بكاء، وبرها سرقة» أي: إنها ضعيفةٌ عاجزةٌ عن نصرة أهلها؛ فلا تستطيع أن تنصر أهلها إلا بالبكاء، ولا تستطيع برهم إلا بالسَّرقة من مال زوجها.
كذلك حررها الإسلام من الوأد، أو من إمساكها ذليلةً مهانةً، قال تعالى "وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَت، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ" [التكوير:٨، ٩]، وقال ﷺ فيما رواه المغيرة بن شعبة: «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَمَنْعًا وَهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ».
إن الحديث عن المرأة ومكانتها في الإسلام حديث يطول شرحه ولا يمكن حصره في مقال محدود المساحة كهذا المقال، ومن ثم اكتفينا بإشارات بسيطة عن هذه المكانة سائلين الله أن يبارك في أمهاتنا وزوجاتنا وبناتنا وجميع نسائنا ويرزقهن من نعمه وفضله.
تابع أحدث الأخبار عبر
