اهتم الباحثون بدراسة العلاقة بين الاستراتيجية والهيكل التنظيمي للمؤسسة لأهمية المتغيرات التنظيمية في تنفيذ الاستراتيجيات من جهة، وللضرورة التي تفرضها الاختيارات الاستراتيجية على القرارات الهيكلية المحددة، ولاعتبار أن الاستراتيجية وهيكل المؤسسة والبيئة هي عناصر ومفاهيم مترابطة.
فأية مؤسسة حكومية كانت أو خاصة، صناعية أو تجارية أو خدمية، صغيرة كانت أو كبيرة أول ما تبدأ بصناعة رسالتها وتحديد أهدافها، وتأتي أهمية الرسالة وأهداف المؤسسة في تحديد الهيكل التنظيمي.
إن تصميم الهيكل التنظيمي يجب ان يبدأ بتحديد الأهداف التي تسعى المؤسسة لتحقيقها على المدى البعيد، واختيار توجهات (مسارات) المؤسسة وتخصيص الموارد اللازمة لتحقيق هذه الأهداف والقيام بالأنشطة اللازمة وتنظيمها بما يضمن تحقيق أهدافها المحددة.
فلو أن مؤسسة قررت تبني أهداف جديدة مثل توسعة أنشطتها أو تنويع منتجاتها وخدماتها أو إنشاء وحدات أو فروع جديدة في مناطق جغرافية مختلفة فإن ذلك يتطلب اتخاذ توجهات استراتيجية وتنظيمية جديدة، وإعادة تخصيص الموارد لتحقيق الأهداف وتلبية الاحتياجات الجديدة ولمسايرة التغيرات الاقتصادية.
إن نجاح تنفيذ الاستراتيجية يتطلب من الإدارة العليا تحقيق تكامل بنيوي بين الهيكل التنظيمي للمؤسسة والخيار الاستراتيجي الذي تريد تطبيقه على أساس أن الهيكل التنظيمي يمثل الكيفية التي يتم بها توزيع الأدوار والمهام والمسؤوليات بين أفراد المؤسسة وتحديد آليات التنسيق وأنماط التفاعل الواجب اتباعها لضمان التنفيذ الناجح لاستراتيجياتها.
لذلك فعند تطبيق الاستراتيجية يكون من الضروري تفحص مجموعة من التساؤلات التنظيمية والإجابة عليها بشكل موضوعي، ومن تلك التساؤلات:
- هل الهيكل التنظيمي الحالي يساعد على تطبيق الاستراتيجية الجديدة للمؤسسة؟
- ما الوحدات الإدارية التي يجب أن يجري عليها تغيرات تنظيمية؟
- هل تحتاج المؤسسة لإعادة تصميم الوظائف؟
- ما الهيكل التنظيمي الأكثر تلاؤما مع الخيار الاستراتيجي الجديد للمؤسسة؟
بالإضافة إلى اختيار الهيكل التنظيمي المناسب فإنه على المؤسسة وفي سياق اتجاهاتها نحو تنفيذ استراتيجياتها بشكل فعال وضع نظام رقابة مناسبة، حيث يجب عليها إيجاد وسيلة ملائمة لتقييم الأدوار والرقابة على الممارسات ضمن أجزاء هيكلها التنظيمي.
إن التغيير في الاستراتيجية يستدعي إجراء تغييرات في الهيكل التنظيمي للدور الكبير الذي تلعبه الهيكلية في تحديد التوجهات الاستراتيجية، حيث تحدد الكيفية التي يتم بها تخصيص الموارد اللازمة لتحقيق أهدافها المحددة، إن تنفيذ الاستراتيجية سيقرر الواجبات والأنشطة التي ستنجزها المؤسسة ومناطق تواجدها وعدد ونوع الأفراد الذين ينفذون تلك الأنشطة، وقياس مؤشرات الأداء لضمان ونجاح الاستراتيجية.