يتحمل المقترض تعثره لا اجادل من قريب او بعيد في ذلك، التوسع الغير محسوب في اقتراض الأموال من قبل الأفراد ومن ثم التعثر لا بد ان يكون له عواقب. ولكن في المقابل انا مع الرأي ان اغراق الناس في الديون الى درجة (الاختناق) يجب ان يكون له عواقب ايضا، وأرى اغراق الناس في الديون ليس فقط عمل غير اخلاقي، بل ارى انه احتيال.
وهناك من يقرض مع غلبة الظن على عدم قدرة المقترض على السداد، ويتربحون من خلال ادخال المقترضين السجن ومن ثم تلقيهم اعانات المحسنين التي تسدد هذه القروض مع الفوائد. نظرية ان توقيع أوراق قانونية وسندات امر يجبر المقترض على السداد والسجن ان لم يتمكن (وفق الأنظمة والقوانين) أرى انه غير منصف. وارى ان يكون هناك لجنة او لجان قضائية ائتمانية تنظر في القروض واذا ثبت ان هناك مبلغ أقرض بدون خضوعه لأسس الائتمان (فيسقط) ويتحمل المقرض الخسارة. اما ان يخرج المقرض من الموضوع وكأنه ملاك فخطأ كبير، هو جزء من المشكلة، ولا بد ان يتحمل عواقب افعاله.
عند الدخول على منصة احسان، نجد كم هائل ممن تراكمت عليهم ديون مليونيه وهم نزلاء السجن. هؤلاء لم يرتكبوا جريمة جنائية ولم يزوروا ولم يسرقوا ولم يرتكبوا أي شكل من اشكال الفساد وفق ما هو مكتوب على المنصة. أتساءل انا بدوري كيف تراكمت الديون بهذا الشكل؟ ومن هم المقرضين؟ وجدت حالة تبرع لها اكثر من 16 ألف متبرع وله سنين في السجن ولم يغطى حتى نصف ما عليه.
أتساءل هل خضعت هذه الديون لدراسات ائتمانية قبل منحها ؟ وهل اطلع القاضي على هذه الدراسات ان كان يملك القدرة على تحليلها؟ ولماذا لا يكون لجنة ائتمانية عليا لهذا الغرض؟ في رأيي أي قرض بلا دراسة ائتمانية لا ينبغي النظر فيه وان كان هناك دراسة ائتمانية فينظر في مهنيتها، واي قرض من جهة غير مرخصة من البنك المركزي فيجب محاسبة المقرض وتأديبه.
نعم المقترض يتحمل جزء من الخطأ لا اناقش، لكن المقرض ليس معصوم بل هو جزء لا يتجزأ من المشكلة وينبغي محاسبته. اما مسألة تعال وقع سند وخذ فلوس ومن ثم يلقون بالأوادم في السجن فهذا شيء عجيب.
أتساءل هل خضعت حالات المديونين في السجون لدراسة لمعرفة مسببات الانجراف الغير مسؤول هذا، وهل يخضع المقرضين للمساءلة حيال هذا الأمر؟ هناك من يقرض حتى متعثري الجهات الخاضعة للبنك المركزي وارقامهم في كل مكان جهارا نهارا على الصرافات وعلى غيرها وهناك شبهة تواطئ من افراد داخل بعض المؤسسات المالية (وفق ما سمعت)، هل ينظر في هذا ويحقق فيه؟
اكرر رأيي مره أخرى، ان زج المقترضين في السجون مع عدم المساس بمن اغرقهم ينبغي النظر فيه، وينبغي دراسته، وينبغي ايقافه، كما ينبغي ان لا ينظر في أي قرض صدر من أي شخص او جهة غير مرخصة من البنك المركزي، وفي حالة كانت الجهة مرخصة فينبغي مراجعة الملف الائتماني ومدى جودته ومنطقيته، وينبغي الاستعانة في ذوي التخصص لإبداء المرئيات للجهات القضائية.
ان الثقافة المالية أصبحت ضرورة ينبغي الدفع لنشرها، وينبغي ان يتشبع الشباب والشابات بأسسها، الاقتراض الحكيم لا مناص منه في زمننا هذا، والانفاق الرشيد بدونه لا تستقر الحياة. انني ادعو لتظافر الجهود لمزيدا من النشر العلمي التثقيفي التوعوي في هذا الصدد.