تعدد ملكية الأندية الرياضية واشكالية تعارض المصالح تشريعيا

تعدد ملكية الأندية الرياضية واشكالية تعارض المصالح تشريعيا
تعدد ملكية الأندية الرياضية واشكالية تعارض المصالح تشريعيا

 لمطالعة إصدار (مال): الرياضة.. رافد جديد للاقتصاد أضغط هنا

منذ أن نشأت نوادي كرة القدم السعودية، وكانت مملوكة لوزارة الرياضية. واستمر الوضع كما هو حتى شهر يونيو لعام 2023، حيث أعلن وزير الرياضة السعودي الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل، نقل ملكية أندية كرة القدم، والمتمثلة في نادي الاتحاد والأهلي والنصر والهلال لصندوق الاستثمارات العامة السعودي.

كما أضاف معاليه أنه سيتم نقل ملكية نادي القادسية إلى شركة أرامكو السعودية ونادي الدرعية إلى هيئة تطوير بوابة الدرعية، ونادي العلا للهيئة الملكية للعلا ونادي الصقور إلى شركة “نيوم” السعودية. وتم اعلان حدود الملكية لكل جهة تم اعلان ملكيتها على أحد اندية كرة القدم على النحو الآتي، وهي ٧٥٪ للجهة المالكة والتي تم الإعلان عن ملكيتها للنادي و٢٥٪ للجمعية العمومية في النادي. ومن هنا اعتقد ستظهر إشكاليات كثيرة من الناحية التشريعية محليا ودوليا. خصوصا وان الهدف من تخصيص الاندية الرياضية هوا جعلها اندية عالمية وليست محصورة على النطاق المحلي.

من اهم الاشكاليات التي يجب فحصها ودراستها بشكل مستفيض ومعالجتها، هو موضوع تعارض المصالح وتعدد ملكية الاندية. ربما اليوم لا تشكل اشكالية كبرى، ولكن بعد اتخاذ الاندية لأوضاعها الجديدة كونها شركات مستقلة عن الوزارة، بكل تأكيد سوف تظهر هذه التحديات والإشكاليات. لعلي في هذا المقال سأحصر التركيز على أمرين، وهو موضوع المشاركة في مباريات الاتحاد الآسيوي، وفي انتقالات اللاعبين.

بدءاً، يطلق مصطلح تعدد ملكية الاندية عندما يكون هناك مالك واحد لعدد من أندية كرة القدم، كمفهوم تعدد الملكية للأندية الرياضية ليست اشكالية، ولكن تبرز التحديات عند ازدياد نسبة الملكية بما يتجاوز الـ ٥٠٪. وكما نعلم، من أحد اهم الجوانب الرئيسية لعالم الرياضة هو حماية نزاهة المنافسة وعدالتها. إذا لم تكن هناك منافسة عادلة في السياق الرياضي، فإن هذا يلقي بظلاله على حيادية المنافسة الرياضية.

ولذلك غالبا إذا كان هناك ناديان لكرة القدم يلعبان في نفس المنافسة ويملكهما نفس الشخص الطبيعي أو الاعتباري، فإن ذلك قد يقلل من نزاهة المنافسة، ويبرز جانبا آخر من تعارض المصالح. وهذا يثير تحدي قانوني يجب العمل عليه وسن تشريعات تحكمها بشكل يتوافق مع انظمة الفيفا.

أول الموضوعات هي المشاركة في البطولات على مستوى قارة آسيا، مثل دوري أبطال آسيا، كما نعلم أن الفيفا هي الجهاز الأعلى بتنظيم قواعد والقوانين ذات العلاقة بكرة القدم، حيث إن نظامها الأساسي ركز على عدم وجود تعارض مصالح في مشاركة الاندية في البطولات الدولية، ومن ضمن أسباب قيام حالات تعارض المصالح هو ملكية شركة او شخص لأكثر من نادي مشارك في ذات البطولة.
كما أقرت محكمة CAS الى ضرورة اتخاذ تدابير لضمان عدم حدوث تضارب في المصالح بين الأندية ذات الملكية المشتركة. القاعدة التي تم تطبيقها لاحقًا من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم والتي منعت فعليًا الأندية المملوكة من قبل شركة ENIC من المنافسة في نفس دوري الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. وبهذا قضت محكمة التحكيم الرياضية، لهذه الأغراض، أن المساهمة بنسبة 50.1٪ أو أكثر في ناديين يتنافسان في نفس مسابقة الأندية قد يؤثر على نزاهة اللعبة ونشوء تعارض المصالح.

وهذا بالحقيقة أمر بالغ الأهمية، ويثير اشكاليات مختلفة اما ناحية استثمارية، خصوصا في ظل تحول الاندية السعودية حاليا لشركات، انضمام لاعبين عالميين في أنديتها مما يزيد من تنافسيتها دوليا، وباعتقادي أن مستقبل اللعبة سيكون أكثر ازدهارا. وبالتالي، يجب معالجة هذه الاشكالية من اجل عدم الوقوع في مأزق الاختيار بين مشاركة اندية مملوكة من قبل نفس الملاك. لأن بالتأكيد يؤثر على ربحية النوادي وشعبيتها وتنافسيتها.

ثاني الموضوعات هي عملية انتقال اللاعبين من نادٍ الى آخر، كما نعلم عندما يكون هناك ناديان او أكثر من أكثر الاندية شعبية، يملكهم بنسبة الاغلبية مالك واحد، فهذا قد ايضا يثير تحديات في بيع اللاعبين وانتقالاتهم، لنفترض اللاعب في النادي أ، يخطط لبيع أحد لاعبيه للنادي ب. سابقا، لم تشكل مسألة ملكية النادي أي تحديات في الموضوع، لكن الآن في ظل تخصيص النوادي وتحويلها لشركات، فهنا ستظهر إشكالية تعارض المصالح، ويصبح العقد بين بائع ومشتري واحد.

وهل ستكون عملية التفاوض بين الناديين منصفة وعادلة؟ مثلا، من ضمن قواعد الفيفا، هناك المادة ١٨ من لائحة انتقالات اللاعبين، تحظر هذه المادة على الأندية إبرام “عقد يمكّن النادي المقابل/الأندية المضادة، والعكس، أو أي طرف ثالث من اكتساب القدرة على التأثير في الأمور المتعلقة بالتوظيف والانتقالات، على استقلاليته أو سياساته أو أداء مهامه.” والمادة النظيرة لها في النظام السعودي هي المادة رقم ٢٥ من لائحة الاحتراف وأوضاع اللاعبين وانتقالاتهم. وهنا عندما يمتلك شخص طبيعي او اعتباري أكثر من نادي بنسبة عالية، فهنا القرار سيتأثر ايضا بشكل كبير، وهذا ما يناقض نص المادة 18 من لائحة انتقالات اللاعبين في الفيفا والمادة 25 من لائحة الاحتراف، كما انه ايضا يعني ان النادي البائع سيكون تقريبا هو نفسه النادي الآخر المشتري للاعب.

وبالتالي، يصعب علينا تطبيق مبدأ الحياد والنزاهة في عملية اتخاذ القرار. خصوصا وانه وفقا لألية تخصيص الاندية السعودية، فان مجالس إدارة النوادي سوف يكون الترشيح لها من قبل الملاك كلا بحسب نسبة ملكيته في النادي. وبالتالي، لو كان أحد الملاك يملك 75% من النادي، فله حق ترشيح 5 أعضاء مجلس إدارة، ليتبقى عضوان ترشحهما اللجنة العمومية. وهنا تظهر حالة تعارض المصالح من خلال السيطرة على القرارات التي يتخذها النادي. وهذا يبنى عليه العقود التي تربط ناديان او أكثر يمتلكهما نفس الشخص الاعتباري او الطبيعي. لذلك، لابد من وضع قواعد وسياسات تقلل من خطر الوقوع في حالات تعارض المصالح.

هذه القضية ليست بالقضية المستجدة، وإنما هي موضوع نقاش كبير في العالم. فتعدد ملكية النوادي لنفس الشخص نجدها في أشهر نوادي كرة القدم العالمية، خصوصا أن الاستثمار في الرياضة، وتحديدا في ملكية الأندية يساعد المستثمرين على تنويع محافظهم الاستثمارية.

ومع ذلك في كرة القدم، يشكل ظهور نموذج ملكية الأندية المتعددة تحديًا لكيفية إدارة الرياضة وله آثار على التنظيم المالي الحالي والمستقبلي. تستحوذ شركات كبرى على العديد من أندية كرة القدم، مما يؤدي إلى بناء شبكة من الفرق ذات الصلة. وبالتالي، يكون لهذا تأثير غير مباشر على انتقالات اللاعبين، والفرص التجارية، والتوازن التنافسي الشامل لكرة القدم في جميع أنحاء العالم.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق «ماركت ستاندرد» توجه خبراتها الطويلة في بريطانيا للعمل بالسوق العقاري المصري بمستهدفات 30 مليار جنيه
التالى العلاقة بين الاستراتيجية والهيكل التنظيمي